منذ أن بدأ اهتمامي بمتابعة كرة القدم المصرية وبالأخص الدربي السنوي بين ناديي الأهلي والزمالك وأنا لي عادةٌ لا تنقطع أبداً.
فبعد كل لقاء من لقاءات القمة آخذ على نفسي متابعة كل تقرير إعلامي سواءٌ مقروء أو مرئي أو حتى مسموع عن هذا اللقاء الذي ينتظره الشعب المصري كل عام مرتين على الأقل.
أحب أن أستمتع بالتحليلات الفنية من الخبراء وإن قلوا، أحب معرفة ما يقوله خبراء التحكيم عن حكم هذا اللقاء والذي عادةً ما يكون أجنبي الهوية. أحب مشاهدة الإحصاءات والتقارير ومتابعة لقاءات اللاعبين وتصريحات المدربين والإداريين ومشاهدة فرحة الجماهير.
فبعد انتهاء لقاء القمة الأخير رقم 101 بين ناديي الأهلي والزمالك والذي انتهى بفوز معتاد بنتيجة 2/0 لصالح الأهلي، أخذت في التنقل بين قنواتنا المصرية الفضائية من مودرن سبورت إلى دريم سبورت إلى الفضائية المصرية لممارسة عادتي المعهودة، ولم تسقط من حساباتي سوى قناة دريم 1 بسبب وجود المدعو بندق فيها والذي قام بكفاءته وخبرته وحضوره الإعلامي الباهر بترحيل إجباري للقلة الباقية من مشاهدي هذه القناة التي بعد أن تركها شوبير وسكنها هذا الفطوطة كما كانت تطلق عليه جماهير الزمالك في بدايته لم يصبح لها أي حضور بين القنوات الرياضية المصرية وسقطت تماماً من خريطة الإعلام الرياضي المحترم.
وبعد الانتهاء من متابعة قنواتنا المصرية صاحبة التغطية العميقة لكل تفصيل في هذه المباراة لأنها باختصار شديد محط اهتمام كل مصريين المعمورة تنقلت لمشاهدة التقارير الإخبارية على بعض القنوات العربية مثل العربية ودبي الرياضية وأبو ظبي الرياضية والجزيرة.
فتقارير هذه القنوات تتميز بالمختصر المفيد، فهي كالعادة تبدأ بالحديث عن نتيجة المباراة ومحرزي أهدافها ثم تنتقل لتصريح للاعب أو اثنين ثم تصريح لنفس العدد من الإداريين والخبراء الفنين أو النقاد الرياضيين ثم تنتهي بمشهد يسلط على فرحة جماهير الفائز وهي تحتفل بطريقة محترمة حيث يختم اللقاء حينها فيما يتوسط المراسل جموع الجماهير ملقياً كلمته الأخيرة.
هذا باختصار شديد أسلوب التقارير الرياضية التي عرفناها وعهدناها في هذه القنوات التي تكتفي بالمختصر المفيد دون أي إسفاف أو تعمق مبالغ فيه.
وحان دور قناة الجزيرة لأشاهد تقريرها الإخباري عن هذا اللقاء الذي سيعده مساعد بندق "شبانه" والذي لا يتقن من فنون المراسل الإخباري سوى تعطيش الجيم، وحينها فوجئت بقلب للموازين وللحقائق، فوجئت بإسفاف واستخفاف، فوجئت أن التقرير تفرغ للطعن في الأهلي وجمهوره وفوزه وكل ما يمت له بصلة، في مشهد لم يحدث من قبل على أي قناة عربية تقدم تقريراً عن هذا الدربي المصري.
بدأ السيد شبانه تقريره البعيد كل البعد عن المهنية والاحترافية بتصريح السيد ممدوح عباس رئيس نادي الزمالك الذي يهدد فيه جماهير الأهلي من أن تهتف ضد لاعب الزمالك المفضل شيكابالا بأية هتافات "عنصرية"، وفي نفس الوقت الذي يقول فيه شبانه هذه الكلمات يأتي تقريره المصور على مانشيت صحفي عن تحذير ممدوح عباس لجمهور الأهلي من الهتافات "العدائية"، وأي مبتدئ في اللغة العربية يعلم جيداً الفرق بين كلمة عدائية وكلمة عنصرية التي جاءت على هوى شبانه فيلقيها غير عابئٍ ليشوه بها صورة معظم جماهير مصر التي تنتمي لصرح النادي الأهلي العظيم.
ويبدو أن لهفته لتشويه صورة جماهير الأهلي جعلته يخطئ ويخالف صحة ما قدمه من دليل بادعاءاته حول كلمته "عنصرية" المخالفة لكلمة "عدائية" في المانشيت الصحفي الذي جاء به في أول التقرير الإخباري، وهذا أول خطئ ساذج يقع به في تقريره والذي كان يستطيع فيه أن يجلب مانشيتاً من أي صحيفة من الصحف البيضاء ليؤيد فيها إدعاءاته الكاذبة التي حتى يومنا هذا لا أعلم ما هي هذه الهتافات العنصرية التي وجهت لشيكابالا.
ويا سيد شبانه قد يبدو هذا التقرير مبلوعاً بعض الشيء إذا ما قدمته عن مباراة في أوروبا أو أمريكا الشمالية التي يعاني فيه غير البيض سوء المعاملة أما في بلاد العرب فقد انتهت هذه العنصرية منذ ما يزيد عن 1400 عام عندما ساوى الرسول بين المسلمين جميعاً.
نعم للأسف قد كان هناك هتافات ضد شيكابالا ولكنها لم تكن هتافات عنصرية وإنما هتافات عدائية، ولا أعلم حقيقة ما هي فائدة ذكر تصريح ممدوح عباس الذي أطلق قبل المباراة بأسبوع في تقريرك الفني عن مباراة القمة المصرية في قناة إخبارية عربية.
ثم انتقل التقرير إلى التشكيك في قرار الحكم الإيطالي فارينا حول صحة ضربة الجزاء وانتقل سريعاً بكاميرته إلى رجل عجوز من مشجعي الزمالك الذي انهال بالدعاء والحسبنة على الغندور وأن الحكم الإيطالي الذي جلبه الغندور قابض ومرتشي، وأن كل العالم يتآمر على الزمالك لينزل به كل مرة هزيمة من غريمه النادي الأهلي، ودعا جماهير الزمالك في نهاية حديثه إلى البقاء في بيوتها وإغلاق نادي الزمالك حتى يرتاح المسئولون عن الكرة في مصر الذين يريدون الفوز دائماً للنادي الأحمر، وانتهى حينها حديث الرجل العجوز الذي نقله شبانه لمشاهدي الجزيرة ليؤكد للجميع أن الزمالك تحاك له المكائد والدسائس لكي ينهار أكثر فأكثر وأن الزمالك لم يستحق الهزيمة وأن الأهلي دائماً وأبداً يهزم الزمالك بالحكام حتى ولو كانوا من إيطاليا.
ليحاول بهذا الكلام طمس حقيقة نجاح الحكم الإيطالي فارينا بامتياز بقيادة هذه المباراة والتي انهال بالإنذارات على الفريقين فيها ولم يتحيز لأحد على حساب آخر، ثم انتهى تقريره الفني بطامة كبرى عندما جلب مشجعاً زملكاوياً آخر ليقول لشبانه أنه كما ترى البلد كلها سعيدة، الحزب الوطني كسب، الأغلبية فرحانة. أغلبية الحزب الوطني فرحانة بحزبها.
هنا شعرت باشمئزاز لهذا المستوى المتدني من هذا التقرير الهزلي، فكيف يتم ربط كرة القدم بهذا الربط السخيف الذي يدعو للغثيان، وكأن جماهير الأهلي وهي أغلبية هذا الوطن تعيش سعيدة مترفة تنعم بالثراء وجماهير الزمالك المسكينة تعيش في السجون والمعتقلات وعشش الصفيح.
ما هذا السخف؟، ما دخل الحزب الوطني بمباراة الأهلي والزمالك ليتم على إثره تقسيم الشعب الواحد إلى فئات وطوائف حسب الانتماء الكروي؟!.
قد كان من الإمكان أن أصدق هذا الكلام إذا سمعته عام 1920 حيث كان نادي المختلط "الزمالك حالياً" هو نادي الاستعمار والملك والنادي الأهلي هو نادي سعد زغلول والشعب.
لكن بعد الثورة أضحى كلا الناديان لكل الشعب.فنجد عبد الحكيم عامر مشجعاً متعصباً للزمالك وهو أحد قادة الثورة والسادات مشجعاً للأهلي.
واستمر الحال حتى هذه اللحظة على نفس الحال. فكرة القدم هي رياضة ممتعة في ممارستها أو مشاهدتها لذا يشترك في الاستمتاع بها كل طوائف الشعب ولا تقتصر على طائفة أو فئة سياسية معينة دون أخرى.
وانتهى هذا التقرير الذي لم يحتوي فيه على أي فائدة فنية أو إخبارية سوى تشويه لمصر بأن بها جماهير كرة القدم عنصريون، وقلب للحقائق بتصوير الأهلي على أنه أكثر المستفيدين من التحيز التحكيمي وهو ما يناقض الحقيقة بتاتاً ولا أدل على ذلك إلا ما قام به جوزيه حينما خلع قميصه معترضاً على الظلم التحكيمي الذي يتعرض له فريقه مباراة تلو أخرى والذي يجعله يلعب دائماً مفتقداً لبعض أهم القوى بالفريق مثل بركات وتريكة بسبب العنف المتعمد الذي يواجه الأهلي دائماً في مبارياته. ولا أدل من ذلك أيضاً سوى اختيار ريشة وهو الحكم المعروف بعدائه الشديد للأهلي لمباراة الأهلي و المقاولون لمحاولة قصقصة جناح الأهلي قبل لقاءه بالزمالك، ناهيك عن خلو التقرير من أي إضافة إخبارية بتصريح أو حوار حصري، فخرج لنا تقرير بنائه الكامل معتمدً على لبنات من الكذب والتزييف والاستفزاز لجماهير الأهلي وتبرير أقل ما يوصف به أنه تبرير تافه وساذج لهزيمة الزمالك.
أرجو أن لا يمر هذا السخف من قناة الجزيرة دون أي إجراء عقابي أو محاسبة لشبانه الذي افتقد تقريره للاحترافية والمصداقية، وهذا يضر كثيراً بصورة القناة في مجال الرياضة الهام الذي اتخذت منه مجالاً لتفوقها مقترناً بتفوقها في المجال الثقافي والسياسي.
أما شبانه فالعمل لجريدة يمتلكها ميدو والعمل كمساعد لبندق في تقديم برنامجه الفكاهي قد وضعك في مكانة معروف وفراج ومن والاهم.
الموضوع منقول javascript:emoticonp('
')للامانه